الملخص

الصوت ظاهرة مهمة وعنصر فعّال من عناصر اللُّغة، فاللُّغة من غيره جثة بلا حراك ؛لأنّ اللغة المكتوبة لا قيمة لها إذا لم تكن منطوقة معروفة الأصوات، والوجود المادي للُّغة يتحقق بنطقها. دراسة اللُّغة من هذه الوجهة يختص بها أحد فروع علم اللُّغة المهمة ألا وهو "علم الأصوات"، ذلك العلم الذي يتخذ موضوعه أصوات اللُّغة المنطوقة، خصائصها، ووظائفها، وصورها الأدائية. لقد فطن العلماء لأهمية هذا النوع من الدراسة منذ زمن بعيد، فبدأ الاهتمام بدراسة أصوات اللُّغات وما يتعلق بها لدى أمم وشعوب مختلفة على مر العصور، بدأت الدراسة الصوتية في أول أمرها نظرية تعتمد على الملاحظة البحتة، ولا تمتلك من الأجهزة والأدوات ما يجعلها عملية تجريبية؛ لكنّها بالرغم من ذلك قدمت خدمات جليلة من أجل إرساء دعائم هذا العلم، وتحديد العديد من مسائله وقضاياه، ولفْت الأنظار إلى مدى أهميته وحاجة جميع اللُّغات إليه. وقد حظي الدرس الصوتي بعناية العلماء القدامى من العرب والهنود والإغريق، وأصبحت دراساتهم لبنات استفاد منها الدرس الصوتي الحديث في العديد من جوانبه. أما في العصر الحديث ومنذ أواخر القرن الثامن عشر فقد بدأت جهود العلماء تظهر وتثمر في هذا المجال، فظهرت في هذا المجال دراسات أكثر تفصيلًا و دقةً ؛ خاصة بعد ظهور المعامل الصوتية ووسائل التجريب المختلفة، ونتيجة لذلك شهد هذا العلم تطورًا ملحوظًا في شتى جوانبه فتعددت فروعه، ووضحت معالمه. تجدر الإشارة إلى أنّ الدراسة الصوتية في هذا العصر قد وجدت تقديرًا واهتمامًا كبيرًا لدى الغرب، بينما نجد الأمر غير ذلك في عالمنا العربي؛ بالرغم من أن لسلفنا من علماء هذه الأمة دراسات صوتية جليلة القدر شهد لها بذلك علماء الغرب. لقد فصلّت محاور هذه الدراسة في هذه المعطيات ووصلت للعديد من النتائج.